قد يظنّ قارىء هذه الكلمات إنّها من باب التخريف، وتدخل في حيّز #الأساطير والخزعبلات.
من يتابعني يعرف أنّ لي اهتماماً بالحمّص، وما أدراك ما الحمّص! وذلك لأسباب عاطفيّة كثيرة، جزء منها يرتبط بطفولتي، وجزء آخر ذي صلة بعلاقتي بأبي رحمه الله، فما أكل أحد من يد أبي إلاّ وبقيت #مذاقات تحضيرات والدي عالقة في الذاكرة، كنت أتابع منذ طفولتي يدَي والدي وهي تتعامل مع حبّات الحمّص لتحضير الأطباق العديدة ، بمذاقاتها المتنوّعة.. واعتدت أن أرافق أبي في أيّام الأعطال المدرسيّة وفي الصيفيّة منذ الصباح وقبل انبلاج الضوء ، فأذهب معه إلى سوق الخضرة لشراء #النعنع والبقدونس والبندورة والبصل وهي أشياء تشكّل ما يسمّى السرفيس، أمّا #البقدونس فكان له وظيفة تزيين صحون #الحمّص والفول والفتّة، وكنت أهتمّ بفرم البقدونس، وكنت إشعر بمتعة وأنا أقوم بفرم البقدونس فرماً ناعماً يشبه ما يكون عنصراً أخضر وفاتناً في صحن التبّولة، كان بعض الزبائن لا يحبّون البقدونس، فيطلبون صحناً بلا بقدونس، ولكن العادة غلاّبة، فكانت يد أبي أحيانا تسرع في وضع رشّة البقدونس فوق الصحن، فوجد أنّ سحب البقدونس من جذوره هو حلّ لمشكلة عدم عشّاق البقدونس.
عودة إلى الحمّص...
اهتمامي بالحمّص دفعني إلى الاستزادة في معرفته، فرحت أبحث عن المعلومات التي تخصّه في كتب #الطبخ، وفي كتب التغذية، وصارت معلوماتي عنه تزيد وتتسّع، إذ لم أكتفِ بطرق استخدامه في لبنان أو البلدان العربيّة فقط بل رحت أبحث في #الثقافات الأخرى عن طرق استخدامه، وفي نيّتي كتابة سيرة ذاتيّة لهذه الحبّة، وهي سيرة ألملمها كقطع #الفسيفساء من #الكتب، وأشرطة يوتيوب، ومواقع الإنترنت.
لم نعتد في بلادنا العربيّة الاهتمام بهذه الأشياء، ولكن خلال إقامتي في باريس كنت أقضي ساعات وساعات وأنا أتجول في المكتبات الباريسية في الفناك، وجوزيف جيبير، وجيبير جون تحديداً، وأتنقّل في أروقتها ، ولفت نظري بين الكتب ذلك الاهتمام الحلو بالأشياء، يمكنك الحصول على كتب في مواضيع يعسر الحصول على شبه لها في المكتبات العربيّة، ككتاب عن #البنّ، أو البندورة، أو الشاي، أو النعنع، كتب تتناول بعمق تاريخ الشيء، تنقله في البلدان، طرائق استعماله، الدلالات الثقافية لهذا الشيء أو ذاك، وكنت أشتري بعض هذه الكتب وأغرق بمتعة في قراءتها وتزوّدني بمعلومات طريفة ومغذّية للروح.
ورحت شيئاً فشيئاً أكتشف أشياء لها فوائد صحّية ، وحتّى مياه نقع الحمّص يمكن أن تستثمر في مجالات كثيرة.
اغسل حبّات الحمّص جيّداً ثم انقعها في مياه عذبة، وعادة ما نكبّ ماء الحمّص ثمّ نضع مياها جديدة، وما نكبّه عادة خسارة صحّيّة!
فماء الحمّص المنقوع يكون قد شرب الكثير من خصائص حبّة الحمّص، أي أنّها مياه غنيّة بالمعادن الإضافيّة، ولها منافع للجسم كثيرة:
- مياه الحمّص المنقوع له دور فعّال في عملية شفاء الجروح، لقدرته على تجديد خلايا الجلد التالفة،
- غرغرة الفم بماء الحمّص يساعد في التخلّص من رائحة الفم الكريهة، وهذه بحدّ ذاتها نعمة تحرّر الأنفاس ممّا ينفّر، وكثيرون يعانون من ذلك، فما تقول عن حبّة حمّص تقدّم لأنفاسك دعماً معنويّاً هائلاً؟
- يعالج الجروح والقروح التي تصيب الفم من الداخل،
- شرب ماء الحمّص على الريق يساعد على التخلّص من السموم الموجودة في الأمعاء،
- يزيد من قوّة مناعة الجسم،
- يخفّف من ألم الكلى،
- يدخل في علاج وتخفيف ألم الروماتيزم،
- يخفّف من آلام الظهر،
- يعالج مشكلة الخصوبة عند الرجال، فيزيد من عدد الحيوانات المنويّة،
يحافظ على نضارة البشرة ويمنع ظهور علامات الشيخوخة.
كتبها بلال ياسر عبد الهادي